ان تاريخ كل قيادة خط متصل قد يصعد الخط او يهبط وقد يدور حول نفسه او ينحني ولكنه لا ينقطع وقال شاعرنا الكبير احمد شوقي وآثارُ الرجالِ إِذا تناهَتْ … إِلى التاريخِ خيرِ الحاكمينا وأخذكَ من فمِ الدنيا ثناءً … وتركُكَ في مسامِعها طنينا .
………………………………………..
والحقيقة ان مسيرة المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية منذ توليه مهام إدارة تلك الوزارة وحتي اليوم لايمكن تقييمها الا من خلال مجمل السنوات التي قضاها الرجل في موقعه وليس بطريقة الاجتزاء لفترة معينة دون غيرها علي طريقة ولاتقربوا الصلاة .
………………………….
فالرجل وبدون سابق انذار تحول لدي بعض الاقلام الصحفية من نموزج النجومية الساطعة في سماء الانجاز والتميز بين اقرانه من الوزراء علي مدار سنوات عديدة الي سبيلا لكل من يهوي الهجوم والانتقاد علي مسئول في الحكومة وبدأت حالة من التشويه لمسيرة طويلة من عمل الرجل ونجاحاته الكثيرة في ملف البترول والتي لم يلتفت اليها البعض عن عمد وأصبح البحث عن اي تقصير حتي وان كان خارجا عن الارادة هو مدعاة الحديث رافضين الاعتراف بالحكمة الكونية في خلقه سبحانه بأن كل من علي الارض حاليا هو بشر يخطئ ويصيب وليس بيننا انبياء معصومين في العمل والتصرفات بالحياة.
……………………………………
غير أنه ومن الانصاف حتي وان كنت مختلفا عزيزي القارئ مع شخصا ما ان يكون تقييمك لادائه عادلا ومن جميع الزوايا وان تضع نسبة لمدي نجاحه في عمله وهي التي تحدد مستواه الحقيقي وفي حالة طارق الملا بقيادة وزارة البترول والثروة المعدنية فان هناك ايجابيات عديدة ونجاحات غير مسبوقة شهدها قطاع البترول في عهده فعليا لاينكرها الا متصيد لخطأ اومترقبا بعداء وهناك ايضا سلبيات وتقصير لكن تبقي النسبة الاكبر من وجهة نظرنا ترجح كفة الايجابيات والنجاحات التي جرت ولاتزال تمضي بها سفينة قطاع البترول .
……………………………
فمن ينكر ان هناك انجازات بمشروعات التكرير لم يسبق ان حدثت في تاريخ القطاع لعل في مقدمتها
١_توسعات مصفاة تكرير ميدور ودخولها مرحلة الإنتاج والذى يهدف إلى زيادة الطاقة التكريرية للمصفاة بنسبة 60%، لإنتاج منتجات بترولية عالية الجودة ومطابقة للمواصفات الاوروبية Euro5 .
2- كما يجرى تنفيذ مجمع إنتاج السولار بشركة أنوبك بمحافظة أسيوط.
3- وتوسعات مصفاة تكرير شركة السويس لتصنيع البترول، ومشروع انشاء وحدة جديدة للتقطير الجوى بمصفاة أسيوط لتكرير البترول .
4- هذا وقد تم الانتهاء قبل نهاية عام2023 من تنفيذ مشروع وحدة تقطير المتكثفات (CDU) بشركة النصر للبترول بالسويس في اطار تحديث مصفاة التكرير بالشركة ، ويهدف المشروع الى إنشاء وحدة تقطير للمتكثفات بطاقة 2ر1 مليون طن سنوياً وبتكلفة 3ر3 مليار جنيه ، وذلك لإنتاج منتجات بترولية عالية القيمة الاقتصادية مثل السولار والبوتاجاز والنافتا.
…………………………
ولم يكن التكرير فقط بمشروعاته ذات الاستراتيجية التي تتماشي مع رؤية القيادة السياسية في الاهتمام بمشروعات لها ابعاد تخص الامن القومي ودعم الاستقرار المجتمعي بل اقتحم الملا مجال البيتروكيماويات وتحقق في عهده انشاء عدد من الشركات الجديدة التي تقدم مشروعات ناجحةومربحة بكل مقاييس ومعايير دراسات الجدوي الاقتصادية التي تم اعدادها وذلك من خلال متابعة الملا الدائمة لمشروعات القابضة للبيتروكيمات ايكم والتي انتعشت فعليا وأصبح لها وجود قوي بين الهيئات والقوابض في عهد طارق الملا .
…………………………
وقريبا يتم البدء بانشاء شركة التسهيلات لاستيراد الايثان بالتعاون بين وزارتي النقل والبترول وتحديد نسب مساهمة الشركات المشاركة في المشروع بما يمثل نجاحا منقطع النظير في تأمين احتياجات قطاع البيتروكيماويات وشركاته من عناصر التشغيل ورفع القدرات الانتاجية وجلب المزيد من العملة الصعبة لصالح خزينة الدولة كما ان مراحل الانجاز في مشروعات البيتروكيماويات الاخري كلها تؤكد انها بالفعل واحدة من أساسيات الفكر خارج الصندوق في قطاع البترول حاليا وكلها ذات اضافة مالية قوية لخزينة القطاع والدولة ككل بفضل نجاحها في جلب العملة الاجنبية .
…………………..
ففي عهد الملا ارتفعت ارباح سيدبك وايثديكو وايلاب وغيرها وايضا تم التفكير في مشروع إنتاج الألواح الخشبية متوسطة الكثافة (MDF) والسعي في مشروع العلمين لمنتجات السليكون ومجمع العلمين للبتروكيماويات ومشروع إنتاج الصودا أش و مشروع إنتاج الأمونيا الخضراء و مشروع إنتاج مشتقات الميثانول و مشروع إنتاج الإيثانول الحيوى وحاليا مشروع إنتاج وقود الطائرات المستدامة SAF .
………………………
وسيسهم تنفيذ هذه المشروعات في تلبية احتياجات السوق المحلي من المنتجات البتروكيماوية المتخصصة التي تقوم عليها العديد من الصناعات التكميلية، وكذا الصناعات الصغيرة والمتوسطة مثل صناعة البويات والمواد اللاصقة ومواد الطباعة والمطاط والمنسوجات والصناعات البلاستيكية والصناعات المغذية للسيارات والمواد المانعة للتجمد والزجاج والمنظفات وغيرها، وتصدير الفائض من منتجاتها الحيوية المتنوعة سواء البتروكيماوية أو البترولية.
…………………………………………
كل تلك النجاحات لم تأتي وليد فترة او شهور بل هي عمل متكامل واستراتيجية سنوات جهد منذ تولي الملا قيادة الوزارة وحتي يومنا الحالي ولايزال هناك ايضا الكثير من العمل يبذل علي ارض الواقع وقد يري البعض ان هناك نوعا من استعراض بمساحة اكبر للجانب الايجابي في اداء وزارة البترول وتغافل عن السؤال الطبيعي الذي يتداوله المتخصص والغير متخصص حول نسب انتاج الزيت والغاز في عهد وزارة الملا وهو الامر الذي بات محور حديث التقييم الوحيد الجائر لوزارة البترول حاليا في كثير من الاراء والجلسات.
……………………………………….
ولكن كل ذلك مردود عليه في سطور تخاطب اصحاب العقول الراجحة فكلنا يعلم ان الزيت منذ تولي المهندس طارق الملا وهو يسير في اتجاه ثابت لم يشهد تراجعاً كبيرا او طفرات بل حافظ الرجل علي معدلاته طوال سنوات مهمته في الوزارة ويطلب دوما من شركات الانتاج العمل علي الزيادة اما الغاز فقد كان في وقت ما هو مصدر الفخر والانجاز دون غيره في قطاع البترول وامتدح الجميع اداء الوزير والوزارة بعد اكتشاف حقل ظهر وماتبعه من زيادة في حجم معدلات انتاج الغاز في مصر .
………………………………………..
ولكن ماحدث بعد سنوات من عملية مشكلات في توافر الغاز سببه احداث عديدة بعضا منها تتحمله الوزارة واخر خارج عن إرادتها ومعلوم للجميع فأما الاخير فأهمها عملية زيادة الاستهلاك الكهربائي الغير مسبوق في تاريخ مصر من الغاز وعدم قيام وزارة الكهرباء بتنفيذ الخطة المطلوبة منها منذ سنوات في التحول لمصادر بديلة للطاقة والتي تستهلك مواد بترولية وغاز مما وضع وزارة البترول في مأزق حاليا الي جانب ذلك كانت الوزارة مخطئة وتحديدا الوزير في الاعتماد والثقة الزائدة التي منحها لرئيس القابضة للغازات الطبيعية ايجاس السابق والذي كان مفترضا ان يبدأ تنمية حقول والبحث عن اكتشافات اخري بعد اول يوم انتاج من حقل ظهر وعدم الارتكان الي سياسة بارك الله فيما رزق رغم درايته علميا بان الحقل والاكتشاف مهما كانت قوته في البداية فالطبيعي ان يهدأ ويخفت بعد فترة من الوقت ولكن ماجري ان ايجاس ظلت لسنوات صامتة وجامدة تفخر بإنجاز ظهر والحديث عنه فقط دون اي متابعة لملف الاستكشاف بمجال الغاز ماترتب عليه انه بالفعل كانت النتيجة ماوصلنا اليه اليوم وهو ماكان سببا ان يتم تغيير البوصلة ويسعي الوزير لتصحيح الخطأ و المسار من جانبه وتفكيره في منح الفرصة لقيادة بديلة تتولي حاليا القابضة ايجاس للعمل علي اصلاح الامور قدر الامكان .
……………………………………………
ان ملف انتاج الزيت والغاز معقد الحلقات والحديث عنه يحتاج الي تعمق اكبر وانغماس في مطبخ الاحداث غير انه معلوم لدي السواد الأعظم للناس ارتباط ذلك الملف بالتمويل المالي والتفاهم حول نسب المكسب والخسارة مع الشركاء الاجانب وليس خافيا علي احد الازمة الاقتصادية التي مرت بها مصر علي مدار السنوات الاخيرة وصعوبة توفير الدولار لفترة جعلت هناك تراكم لمديونيات الشركاء بعد ان كانت عقب سنوات قليلة من عهد الملا قد وجدت لنفسها حلول عديدة وتراجعت بشكل كان الجميع يشيد بهاانذاك ولكن ماحدث من تراكم للمديونيات كان سببا في احجام الشركاء عن ضخ استثمارات كثيرة جديدة بل ان بعضهم استمر في العمل ارتباطا وثقة في وعود الوزير نفسه ومقابلاته التي يجريها معهم وتأكيده بان الامور ستحل ونقله لهم ضمانات من الرئيس السيسي نفسه بأن حقوقهم في الحفظ والصون ومصر لاتأكل حقوق أحد ووسط ذلك سعي الملا ومعاونوه بالشئون المالية في هيئة البترول بالتنسيق مع الحكومة للعمل علي ايجاد سبيلا لسداد اجزاء من المديونية وبالفعل بدأت الامور تعرف الطريق نحو السداد .
………………………………………
ولم يكن استراتيجية الملا هو الاعتماد علي الحكومة فقط في توفير اموال بالدولار للشريك او حتي الاتفاق معهم علي منحهم المديونية بالجنيه المصري بل عكف الرجل علي وضع افكار اخري خارج الصندوق تعمل علي جذب الاستثمار من الشركاء وتغيير اتفاقيات لعل أحدها ماتم مع شركة دراجون اويل والاتفاق علي منحهم حصص من الزيت يتم تصديرها بمعرفتهم بما جعل الشركاء يرون في تحقق تلك الخطوة سببا لمزيد من الاستثمار.
…………………………………..
ولك ان تعرف عزيزي القارئ انه بالفعل استطاعت وزارة البترول ان توفي بذلك الاتفاق حيث نجحت نيابات هيئة البترول وتحديدا النقل والتوزيع والتكرير والتجارة الخارجية والإنتاج والمالية بالتنسيق مع الادارة المركزية لتسويق المواد البترولية في الوزارة في تنفيذ تجهيز اول شحنة تصدير بواقع ٥٠٠ الف برميل لحساب دراحون اويل الشريك في شركة جابكو سيتم شحنها للخارج خلال ايام وهو مايعد نجاحا كبيرا ويعطي للشركاء امل وثقة اكبر في استثماراتهم بمصر بل ويشجع علي مزيد من ضخهم الاموال خاصة وانه بدأ الشعور لديهم بأن وجودهم في الشراكة مع قطاع البترول علي صعيد هات وخد وليس من جانب واحد كله صرف بلا مقابل.
………………………………
البحث عن افكار جديدة ورؤي متطورة في العمل داخل قطاع البترول ايضا وفي ظل الأزمة المالية التي كانت فارضة نفسها بقوة جعلت الوزير يفكر في الاستفادة من المنح الاوربية داخل القطاع وبالفعل تم استثمار فكرة المنح تلك في البدء بمشروعين لانتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بتكلفة استثمارية إجمالية تبلغ 1.05 مليار جنيه ممولة عبر منحة من الاتحاد الأوروبي.
وتم إسناد أعمال تنفيذ مشروع محطة توليد الطاقة الكهربائية باستخدام الخلايا الشمسية في مصفاة تكرير أسيوط بقدرة 10ميغاواط إلى تحالف شركتي إنبى وبتروجت، ذراعا قطاع البترول في مجالات التصميمات الهندسية والمقاولات العامة والانشاءات، و من المخطط الانتهاء من تنفيذ المشروع البالغة تكلفته 550 مليون جنيه خلال 11 شهرا.
ومشروع مماثل لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرة 6.5 ميغاواط بالشركة العامة للبترول بتكلفة استثمارية تبلغ 500 مليون جنيه.
وأوضحت الوزارة أن تمويل المشروعين سيتم من خلال منحة مقدمة من الاتحاد الأوروبي ضمن برنامج “دعم إصلاح سياسات الطاقة” بدون تكلفة على قطاع البترول.
…………………………………….
ان ملف انجازات طارق الملا سلسلة طويلة متعددة الحلقات في شتي النواحي وكثيرا منها تناولته اقلام اخري لزملاء صحفيين وكتاب افضل منا سنا ومقاما سواء علي صعيد الاستقرار الاداري والتطور الكيير الذي شهدته ولا تزال الشئون الادارية في عهده وتطبيقها معايير متميزة باشادة جهات خارجية ومتابعين للعمل بالوزارة والشركات او من ناحية زيادة التدريب واستغلال الطاقات البشرية من القيادات و الشباب او حسن استغلال الاصول في القطاع ومرورا بمشروعات اخري وافكار كانت نابعة من الوزير نفسه فيما يتعلق بزيادة محطات الغاز والتوسع فيها عبر استغلال محطات الوقود القائمة او عملية تقسيط توصيل الغاز للمنازل والسيارات والتحفيز علي زيادة ارقامها وغيرها كثير لا يتسع مقالا واحد لرصدها .
……………………………….
غير أننا حاولنا ان نقيم اداء الرجل وفق اليات الظرف الراهن ببعض المشروعات التي بها فعليا فائدة قوية حاليا ولنؤكد برسالتنا تلك ان أسوأ مانعانيه حاليا هو التقييم للقيادات وفق منطق ذاكرة السمك لانتذكر سوي ماهو ابن وقته ولانرصد كل معطيات السنوات التي تمر بها فترة اي قيادي في عمله منذ يداياته ودون النظر الي الظروف المحيطة والتي قد يكون بعضها خارج ارادة المسئول .
…………………………………………
وكل ماسبق من رصد للايجابيات لايمنعنا او يجعلنا ننكر ان هناك سلبيات كما ذكرنا حتي فيما يتعلق باستمرار واختيار اشخاص وقيادات في مواقعها وقد سبق لموقع بترو مصر ان يكون الاكثر حرصا علي المصلحة العامة في مخاطبة الوزير والكشف عن أسماء بعينها من القيادات نري من واقع متابعتنا للقطاع انه لم يعد مرغوب في استمرارها الي جوار الوزير غير اننا متأكدين ان هناك اجماع كبير لدي غالبية القيادات بأن استمرار الوزير في موقعه هو الافضل ولم يعد المنصب مغنما شخصيا حاليا او مغريا بل هو وسادة شوك نسأل المولي ان يعين الجالس عليها وان يلهمه حسن التدبير والتصرف والإختيار.
………………………………
نهاية الحديث هو رسالتنا للحميع مهما كان .. لاتشوهوا طارق الملا … فعمله يدافع عنه والرجل لايستحق ويتحمل ماتنوء به العصبة اولي القوة منكم ويقدم دوره في خدمة وطنه بما يستطيع ووفق الظروف المتاحة والامكانات وكلنا بشر يخطئ ويصيب ومن كان بلاخطيئة فليرمنا بحجر .